الذهب يرتفع بأكثر من 25% في 2024، فهل يستمر في مسيرته الرائعة في عام 2025؟
لقد كان المعدن الثمين أحد أفضل السلع أداء بين السلع الأخري في 2024، حيث ارتفع الذهب بنسبة تتخطي 25% مسجلًا مجموعة كبيرة من الأرقام القياسية، بدعم من تفاؤل المستثمرين بخفض أسعار الفائدة ومشتريات قوية من قبل البنوك المركزية العالمية وعمليات شراء آسيوية قوية، كما دعم الطلب علي الملاذ الآمن في ظل تزايد المخاطر الجيوسياسية، بالإضافة إلي عدم اليقين قبل اجراء الانتخابات الأمريكية فى نوفمبر، مكاسب المعدن الأصفر في 2024.
بلغ سعر الذهب أعلى مستوياته على الإطلاق هذا العام حيث اقترب من مستوي 2800 دولار، سنلقي نظرة على ما هو التالي للمعدن الأصفر وكيفية الاستثمار في الذهب
الذهب يحقق مستويات قياسية في 2024
ارتفع سعر تداول الذهب الذي يحظى بمتابعة كبيرة إلى مستويات مرتفعة جديدة هذا العام، حيث بلغ ذروته في أكتوبر عند أقل من 2800 دولار للأونصة ويتداول عند أقل من 2700 دولار في الوقت الحالي، ويتوقع بعض الخبراء أن الذهب قد يكسر حاجز 3000 دولار هذا العام.
كانت أسعار الفائدة المنخفضة في الولايات المتحدة بمثابة حافز لمكاسب الذهب خلال فصل الخريف، ومع بيانات التضخم الأمريكية في نوفمبر التي تبدو داعمة بشكل معقول لمزيد من تخفيضات الأسعار في العام الجديد، فقد تكون هناك مكاسب أخرى في الطريق.
كما ساعد على تضخيم المكاسب عمليات الشراء المتزايد من قبل البنوك المركزية في روسيا والصين، وفى الوقت نفسه، يستخدم المعدن بشكل كثيف فى صناعات أخري مثل الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو، ويستخدم أيضًا لأغراض علاجية.
يقول رئيس الأبحاث العالمية فى مجلس الذهب العالمى “خوان كارلوس أرتيجاس”: لقد بلغ الذهب 40 مستوى قياسي جديد في عام 2024، وتجاوز إجمالي الطلب على الذهب في الربع الثالث 100 مليار دولار لأول مرة، وعلى مدار السنوات الخمس الماضية ارتفع سعر الذهب بأكثر من 81%.
يتجه المستثمرون إلي شراء الذهب من أجل الحماية من التخفيضات المستقبلية لسعر الفائدة، كما يوفر المعدن الأصفر التنوع لمحافظ المستثمرين ووسيلة للحفاظ على ثرواتهم في عالم يزداد عدم اليقين الجيوسياسي.
لماذا يرتفع سعر الذهب؟
هناك ثلاثة عوامل أساسية تسببت في ارتفاع سعر الذهب خلال الأشهر الأخيرة: أسعار الفائدة، وعمليات الشراء من قبل البنوك المركزية وعدم اليقين الجيوسياسي.
أسعار الفائدة
تاريخيًا يعد تخفيض سعر الفائدة أمرًا جيدًا للذهب حقق أداءً مميزًا في تلك الفترة، ونظرًا لأن البنوك المركزية تقوم بخفض أسعار الفائدة في العادة بهدف تشجيع النمو الاقتصادي عندما يكون راكدًا، وفي مثل تلك الفترات عادةً ما يكافح سوق الأسهم، لذلك يصبح الذهب بمثابة تحوطًا جيدًا، ونظرًا لأن الذهب لا يدر دخلًا فيصبح أكثر جاذبية فى بيئة الفائدة المنخفضة.
وبالتالي فإن قرارات السياسة النقدية وأسعار الفائدة التي يتخذها البنك الاحتياطي الفيدرالي تشكل أهمية خاصة فى تقييم سعر الذهب، ويعد قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من أهم القرارات التى يتخذها صانعي السياسات الآخرون (علي سبيل المثال: البنك المركزي الأوروبي وبنك انجلترا)، في أغلب الربع الثالث، عاد المستثمرون الغربيون إلى شراء الذهب مع بدء البنوك المركزية في تخفيض سعر الفائدة.
مشتريات البنوك المركزية
كما تتسبب عمليات شراء الذهب من البنوك المركزية في ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى عمليات الشراء غير المسبوقة من الأسواق الناشئة مثل الصين والهند، في إطار التحوط ضد التشتت الاقتصادى العالمى.
ومن الملحوظ أن البنوك المركزية في الصين وروسيا وتركيا والهند قد زادت من عمليات الشراء للذهب بمعدل كبير، وهو ما يعكس انعدام الثقة المتزايد في الدولار الأمريكي، ويزداد هذا الاتجاه تأجيجا بفعل تسريع البلدان لجهودها لإزالة الدولرة.
إن أهمية الذهب في الاحتياطيات الأجنبية معروفة جيداً، لدوره كمخزن طويل الأجل للقيمة وكمُنوع وأدائه في أوقات الأزمات، وحقيقة أنه لا يحمل مخاطر الائتمان، في بيئة من الديون السيادية المتزايدة باستمرار وعدم اليقين الجيوسياسي، فإن دور الذهب راسخ بشكل جيد.
عدم اليقين الجيوسياسي
بغض النظر عن تخفيضات أسعار الفائدة، هناك عوامل أخري علي الساحة العالمية التي تدفع سعر الذهب أيضاً، حيث يعد المعدن الأصفر أصل آمن لذلك يتزايد اقبال المستثمرون عليه في الغالب في فترات التقلب من أجل الهروب من صدمات السوق. في الوقت الحالي يشهد العالم مزيدًا من الاضطرابات وخاصة فى الشرق الأوسط والصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا.
الذهب يحقق مكاسب تتجاوز الأسهم الأمريكية
لقد استطاع الذهب أن يحقق ارتفاع مذهل بنسبة تتجاوز 26% فى عام 2024 متخطيًا حتي الأسهم الأمريكية، كما أن الذهب مرتفع حاليًا بنحو 800% منذ الألفية الجديدة، وقد حقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مكاسب بنحو 23% في 2024.
سجل المعدن الأصفر العديد من المستويات القياسية الجديدة على مدار العام الماضي وكان آخرها في 31 أكتوبر عند وصل إلى مستوي 2790 دولار وهو الأعلى على الاطلاق، ومنذ ذلك الحين شهد تراجعًا وتقلبات حول مستوي 2600 دولار.
يقول خبراء ماليون إن حدوث عمليات بيع في سوق الأسهم أو ارتفاع التضخم أو مزيد من التوترات الجيوسياسية قد تؤدى إلي تحرك آخر للذهب نحو الارتفاع فى عام 2025، ومع ذلك، يقول الخبراء إن المكاسب التى حققها الذهب فى 2024 تخطت توقعات المحللين في نهاية عام 2023.
يقول أحد المحللين: “في الربع الأول من القرن الحادى والعشرين ارتفع الذهب بنحو 797.7%، متفوقًا علي كل الأصول الرئيسية الأخري، كما أنه جاء صدمة للرأي الإجماعى القائل بأن السبائك الذهبية انتهت كاستثمار”.
لقد حقق الذهب هذا العام متوسط ارتفاع بنحو 23% على أساس سنوي بمتوسط 2386 دولار للأونصة، بدلًا من ارتفاع بنحو 6.1% فقط مثل ما توقع المحللون.
وفيما يتعلق بالتداول الحالى، يقول أحد المحللين إن الطلب الغربي على الاستثمار لا يزال هادئ، مع استمرار المستثمرين فى جنى الأرباح من مكاسب الذهب، وتحركات ضعيفة لتدفقات صناديق الاستثمار المتداولة المقومة بالذهب، ولكن من المتوقع أن يبقي المستثمرون مهتمين لاختلاق فرص شراء الذهب.
المعدن الثمين هو مخزن للثروة وتحوط ضد التضخم وطريقة مفيدة للتنويع وأصل ملاذ آمن خلال فترات الاضطرابات السياسية والمالية، ولكن من الضروري أن تكون واضحًا لأن المعدن الأصفر لا يدر أى دخل ومن المتوقع أن تحدث تقلبات للأسعار.
يقول “إيبك أوزكاردسكايا” كبير المحللين فى بنك سويسكوت: لدي الذهب “عام رائع” وقد يشهد الكثير من المكاسب في حال حدوث عملية تصحيح هبوطى فى سوق الأسهم العالمية، وأضاف: فى الأشهر الأخيرة واجه الذهب ضغوطًا بسبب ارتفاع عائد سندات الخزانة الأمريكية التي تزيد من التكلفة البديلة للاحتفاظ بالذهب غير الحامل للفائدة، ولكن تسارع عمليات البيع فى سوق الأسهم العالمية قد تدفع رؤوس الأموال إلي المعدن الآمن بصرف النظر عن ارتفاع العائدات.
بينما لا نعتقد أنه يحقق الذهب ارتفاعات كبيرة في 2025، إلا إنه من المرجح يحتفظ بقيمته ويوفر تنويع مفيد فى مواجهة التضخم والصدمات الجيوسياسية المستمرة.
هل يستمر الذهب فى الارتفاع؟
ويتوقع خبراء السوق أنه في حال استمرار الثلاثية التي تتمثل فى انخفاض أسعار الفائدة وضعف الدولار الأمريكي وارتفاع الطلب من قبل البنوك المركزية العالمية، فقد يواصل الذهب ارتفاعه أكثر، وخاصة في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية أيضا.
مع تطلعنا إلى عام 2025، يشير إجماع السوق إلى أن البنك الاحتياطي الفيدرالي سيقدم 100 نقطة أساس خفض اضافية في أسعار الفائدة، ويتوقع الخبراء أن يتراجع التضخم بحلول نهاية العام ومن المرجح أن يظل الدولار الأمريكي ثابتًا أو يضعف قليلاً مع عودة الظروف إلى طبيعتها، في حين يظل النمو العالمي إيجابيًا ولكنه يستمر في النمو دون المستوي المستهدف.
في هذا السياق، ستظل تصرفات البنك الاحتياطى الفيدرالى وأداء الدولار الأمريكى بمثابة عوامل مهمة محركة لأسعار الذهب، ومع ذلك، هناك عوامل أوسع نطاقًا تؤثر على سعر الذهب، بما في ذلك التوسع الاقتصادي والمخاطر وتكاليف الفرص (خاصة مقارنة باستثمارات السندات) والزخم، مع الأخذ في الاعتبار كل هذه التأثيرات، يتوقع مجلس الذهب العالمي أن يكون أداء سعر الذهب في عام 2025 “محدودًا، مع ارتفاع طفيف”.
ويبدي مراقبون آخرون ترددًا أقل في صعود المعدن الأصفر، بينما تشير توقعات جولدمان ساكس لأسعار الذهب أن يتجاوز المعدن الأصفر حاجز 3000 دولار مع نهاية هذا العام.
وبالمثل، قال “إريك ستراند” مؤسس ورئيس تنفيذي لصناديق AuAg في توقعاته لعام 2025 أن الكوكتيل التضخمي سيدفع سعر الذهب إلى ما يزيد عن 3000 دولار خلال هذا العام، وربما قد يصل إلى 3300 دولار.
ومع ذلك، ستوجد بعض التقلبات علي مدي الأسابيع القليلة القادمة، ويحذر ستراند من أن سعر الذهب يمكن أن يتحرك بسرعة خلال مواسم الأعياد، عندما تنخفض أحجام التداول بشكل كبير.
ومن جهة أخري، من الصعب أيضًا التنبؤ بتأثير ولاية “دونالد ترامب” الثانية في البيت الأبيض، ومن المعتقد أنه من المرجح أن يتخذ موقفًا مؤيدًا للأعمال التجارية والذي سيفيد الأسهم بشكل أساسي، عبر سوق الأوراق المالية.
لكن السؤال هو ما إذا كانت هذه السياسات ستؤدي أيضًا إلى ضغوط تضخمية واضطرابات في سلاسل التوريد، بالإضافة إلى ذلك، تتزايد المخاوف بشأن الديون السيادية الأوروبية مرة أخرى، ناهيك عن استمرار عدم الاستقرار الجيوسياسي، وخاصة في ضوء الأحداث في كوريا الجنوبية وسوريا في أوائل ديسمبر، بشكل عام، قد يدفع هذا المستثمرين إلى البحث عن التحوطات مثل الذهب لمواجهة المخاطر.”
ثم هناك مسألة التضخم وتأثيراته على أسعار الفائدة وخاصة في الولايات المتحدة، يهدف البنك الاحتياطي الفيدرالي إلى هندسة هبوط ناعم يصعب تحقيقه، لقد نجح حتى الآن في تهدئة التضخم دون إضعاف الاقتصاد، لكن من غير المرجح أن يكون عام 2025 سهلاً.
بشكل عام، سيكون البنك الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تساهلاً مفيدًا للذهب، ولكن التوقف المطول أو عكس السياسة من المرجح أن يفرض المزيد من الضغوط على الطلب الاستثماري.
طرق الاستثمار في الذهب
توجد 3 طرق أساسية للاستثمار فى الذهب:
- الاستثمار فى المعدن نفسه عن طريق عقد مالى، على سبيل المثال: المنتجات المتداولة فى البورصة.
- يمكنك أيضًا الحصول على استثمار غير مباشر فى المعدن الأصفر عن طريق شركات التعدين التى تقوم باستخراج الذهب من الأرض، وذلك من خلال الاستثمار المباشر في أسهم الشركة أو عن طريق الاستثمار في صندوق متداول في البورصة.
- أخيرًا، يمكنك شراء سبائك ذهب مادية أو عملات ذهبية.
يقترح الخبراء أن تحدد نحو 5% إلى 10% من محفظتك للاستثمار فى الذهب، وهو ما يجب أن تحتفظ به نقدا.
التوافق مع الشريعة الإسلامية في الاستثمار بالذهب
عند الاستثمار في الذهب، من الضروري الالتزام بضوابط الشريعة الإسلامية لضمان مشروعية الاستثمار. على سبيل المثال:
- عند شراء الذهب المادي مثل السبائك أو العملات، يجب أن يتم البيع والتسليم يدًا بيد دون تأخير لتجنب شبهة الربا.
- في حالة الاستثمار عبر عقود مالية أو صناديق متداولة، يجب التأكد من أنها لا تتضمن أي عناصر ربوية أو معاملات غير مشروعة شرعًا.
- بالنسبة للاستثمار في شركات التعدين، يجب التحقق من أن أنشطة الشركة متوافقة مع الشريعة، خاصة فيما يتعلق بعدم تعاملها بالفوائد الربوية أو أنشطة محظورة.
لضمان التزام استثماراتك بالشريعة الإسلامية، يُفضل استشارة جهة مختصة بالتمويل الإسلامي أو الحصول على فتوى من هيئة شرعية معتمدة.